الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية مصطفى عبد الكبير يتحدّث عن حادثة غرق مركب بسواحل المنستير ويكشف عن معطيات وأرقام مفزعة تخصّ ملف الهجرة غير النظامية بتونس

نشر في  24 أوت 2022  (10:45)

في متابعة لحادثة غرق مركب هجرة غير نظامية قبالة سواحل المنستير التي جدّت في الليلة الفاصلة بين 13 و14 أوت الجاري بالمياه الدولية وعلى بعد 43 ميل من سواحل الجهة، وأدّت وفق معطيات أولية إلى نجاة شخصين وفقدان 7 أشخاص من بينهم أستاذة تعمل بالقطاع الخاص وهي أصيلة ولاية القيروان وابنها البالغ من العمر 4 سنوات، كان لموقع أخبار الجمهورية اتصال بالحقوقي مصطفى عبد الكريم رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان فرع الجنوب للحديث عن تفاصيل ومستجدات تخصّ الحادثة فضلا عن معطيات هامة وأرقام تتعلّق بواقع الهجرة غير النظامية بتونس وأسبابها...

 في بداية مداخلته أكّد الحقوقي مصطفى عبد الكبير بأنّ آخر المستجدات المتعلّقة بحادثة غرق المركب هي اكتشاف هوية منظميها وتواصل عمليات البحث على المفقودين السبعة خاصةّ بعد أن تأكد نجاة شابين فقط  قاما بالسباحة لساعات طويلة إلى ان تمكنّا من الوصول إلى مركب صيد كان متواجدا بالسواحل والذي بادر بعملية إنقاذهما ثمّ تسليمهما إلى فرقة الحرس البحري، مشيرا إلى أنّ الناجيين كشفا خلال استنطاقهما بأنّ بقية المهاجرين غير النظاميين الذي كانوا متواجدين معهما على ذات المركب قد غرقوا.

 وجدّد محدّثنا التاكيد بأنّ الشابين صرّحا بأنّ المفقودين هم 7 أشخاص من بينهم امرأة وهي أستاذة تعمل بالقطاع الخاص وابنها البالغ من العمر 4 سنوات والبقية من جنس الذكوروهم ينحدرون من ولايات مختلفة من بينها القيروان والقصرين والمهدية.

 مع العلم بأنّ قاضي التحقيق قرّر أمس الثلاثاء 23 أوت 2022 الإبقاء على الشخصين الوحيدين الناجيين في حادث غرق المركب في حالة سراح باعتبارهما ليسا من منظمي هذه العملية، فيما تتواصل عمليات البحث عن الأطراف المنظمة لهذه العملية وهم في حالة فرار من بينهم امرأة ورجل أصيلا ولاية المهدية.

 أرقام صادمة

 وكشف محدّثنا في مداخلته عن معطيات وأرقام تخص طالبي اللجوء في تونس والمهاجرين غير النظاميين، مشددا على أنّ عدد اللاجئين غير النظاميين المتوافدين على بلادنا قد بلغ اليوم حدود 14 ألف شخص. أمّا بالنسبة لفئة المهاجرين غير النظاميين فإنّ الأرقام والإحصائيات التي تخصّهم مازالت غير دقيقة وثابتة لكن المؤكد انّ أرقامهم تفوق الـ25 ألف شخص وفق تأكيد مصطفى عبد الكبير الذي اعرب عن أسفه لعدم التدقيق في هذه الاحصائيات من قبل السلطات التونسية خاصة وأنّ ملف الهجرة غير النظامية يحتاج إلى  دراسات معمّقة وعمل كبير للتوصل إلى إحصائيات دقيقة ورسمية.

 وشدّد على أنّ الأرقام المتعلّقة بالهجرة غير النظامية تبقى تقريبية وغير ثابتة وتحتاج إلى تحيين متواصل حسب الأرقام حيث أنها تتراجع في فترات على خلفية تشديد الحراسة والرقابة على حدودنا البرية والبحرية وما يخلّفه من إحباط لعديد العمليات المماثلة كما تزداد في فترات أخرى تشهد ذروة هذه المحاولات وتتم عن طريق عدّة مناطق للعبور سواء كانت من قرقنة أو من جرجيس أو من بن قردان أو من جربة أو من نابل أو من تونس...

 وفي ما يخص أصول اللاجئين وطالبي اللجوء بتونس، أضاف محدّثنا أنّهم يتأتون من بلدان إفريقية مختلفة فضلا عن دول مشارقية فنجدهم ينحدرون خاصة من دول جنوب الصحراء سواء كانوا سودانيين او إيتيريين أو صوماليين وإيفواريين وأثيوبيين وكذلك من الجنسيات السورية التي ارتفعت أعدادهم في السنوات الأخيرة.

 معابر اللجوء وبواباته..

 ونوّه مصطفى عبد الكبير إلى تعدّد بوابات ومعابر اللجوء إلى تونس واختلاف مسالكها، حيث أنّ هنالك عدد من اللاجئين الذي يدخلون إلى بلادنا بشكل رسمي نظامي يتبلور عن طريق حصولهم على عقود عمل أو برغبة الدراسة خاصة من بين الدول التي تفتح لها تونس حدودها دون فرض التأشيرة على غرار الكوت ديفوار، فضلا عن المسالك غير الرسمية وتتجسّد في الطرق غير النظامية حيث تتوافد أعداد كبيرة منهم إمّا من خلال المعابر البرية تحديدا من حدودنا الجنوبية الشرقية مع ليبيا انطلاقا من بنقردان في اتجاه تطاوين أو عن طريق حدودنا الغربية بين القصرين وقفصة وجندوبة والقصرين في ما يخصّ القادمين من الجزائر.

 هذا إلى جانب نسبة أخرى من اللاجئين الذين يتم إجلاؤهم خلال عمليات الإنقاذ البحري بتونس أثناء ركوبهم في رحلات غير نظامية تخرج من الموانئ الليبية خاصة الموجودة بالمنطقة الغربية سواء كانت زوارة أو الزاوية أو صبراطة وتتم عملية إنقاذهم من قبل وحدات الجيش والحرس البحريين الوطنيين فيما يقع إيوائهم في إحدى المدن التونسية خاصة في ولايتي صفاقس ومدنين..

 رباعي الأوجاع...

 وأكّد مصطفى عبد الكبير بأنّ أبرز الولايات التي تمثّل وجهة للمهاجرين غير النظاميين القادمين الى بلادنا هي تونس العاصمة، نابل، صفاقس ومدنين، مبيّنا بأنّ المرصد التونسي لحقوق الإنسان لديه أرقام مفزعة في هذا الجانب خاصة وأنّ العديد من اللاجئين ببلادنا لا يقع تسجيلهم فضلا عن أنّ كثيرا منهم لا يحملون هويّات.  

 وشدّد  في ذات الإطار على وجوب التفريق بين ملف الهجرة غير النظامية وملف اللاجئين أو طالبي اللجوء، هذا الأخير الذي هو تحت إشراف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تقوم بالتنسيق مع السلطات التونسية بعملية إحصائهم وتسجيلهم.

 سمسرة واستغلال وتجارة...

  أمّا في ما يتعلّق بملف المهاجرين غير النظاميين وخاصة المتأتين من دول جنوب الصحراء وعدة دول افريقية أخرى، اعتبر عبد الكبير بأنّ هذا الملف أصبح محلّ "فوضى عارمة" على اعتبار المشاكل التي أضحت هذه الفئة تعاني منها حيث أنها اليوم تتعرّض الى مختلف أشكال "السمسرة" والتجارة والإستغلال فترى العديد منهم  يمتهنون أشغالا شاقة بأجور بخسة لا تكفي حتّى لسد رمقهم...

 وفي ما يخصّ الهجرة غير النظامية التي تنطلق عملياتها من بلادنا وأصبحت للأسف هاجسا للكثير من أبناء هذا الوطن، نوّه رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان إلى مسالكها الجديدة حيث كانت هذه العمليات تتم في السابق من تونس نحو عدد من البلدان الأوروبية عن طريق البحر لكن اليوم تعدّدت الطرق حيث باتت الهجرة غير النظامية تتم حتى عن طريق البرّ ويتجسّد ذلك من خلال السفر من مطار تونس قرطاج باتجاه تركيا ثم باتجاه صربيا ومنها الى النمسا أو الى دول أخرى على غرار فرنسا أو إيطاليا أو ألمانيا.

 مدنين وتطاوين في الصدارة...

 وبالنسبة لأهمّ الولايات التي ينحدر منها أغلب المهاجرين غير النظاميين، أشار محدّثنا إلى تصدّر كل من ولايتي مدنين وتطاوين قائمة هذه الولايات حيث بلغ الرقم المسجّل فيهما بين أواخر السنة الماضية وهذه السنة حوالي 10 آلاف "حارق"،  إلى جانب عدد من الولايات الجنوبية الغربية الأخرى.

 أطفال وعائلات، نساء وشباب وكهول في مهب المجهول العاصف...

 وقال محدّثنا إنّ آخر الاحصائي الصادرة حول ظاهرة الهجرة غير النظامية للتونسيين نحو البلدان الأوروبية تفيد بارتفاع نسبة الاطفال، حيث أنّه ولأوّل مرة ترتفع إلى ما يقارب الـ5 بالمائة مقابل عدم تجاوزها الـ 2 بالمائة في السنوات القليلة الماضية إلى جانب ارتفاع نسبة هجرة النساء التي ناهزت الـ 20 بالمائة.

 هذا إلى جانب ارتفاع الأرقام المتعلّقة بهجرة العائلات بشكل جماعي حيث وصلت أعداد الأسر التي هاجرت عن طريق رحلات سريّة غير نظامية بالمئات، إلى جانب تغيّر شمل التركيبة العمرية حيث أصبحت الهجرة وجهة  للكهول الذين تجاوزت أعمارهم الأربعين سنة...

 وفي تفسيره لارتفاع ظاهرة الهجرة غير النظامية ببلادنا خاصة في السنوات الأخيرة، أكّد رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان فرع الجنوب بأنّ ذلك يعود إلى الضبابية التي بات يعيش على وقعها المواطن التونسي منذ الـ10 سنوات الماضية، فوفقا لاستبيان قام به المرصد كان التونسي يأمل في كل انتخابات قادمة بتحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية وبالتالي الإجتماعية وبأن البلد سيذهب نحو الاستقرار لكن أُجهضت كل أحلامه وآماله الواحدة تلوى الأخرى ولم تحلّ لا الانتخابات ولا التداول على السلطة ولا تغيّر المسؤولين منذ 2011 إلى يومنا هذا مشاكله المتفاقمة ولم  يساهم ذلك في تغيير واقعه الاليم ما زاد في تعميق أزمته وتزعزع ثقته في العملية السياسية برمتّها.

 ويضيف مصطفى عبد الكبير: "وفضلا عن تواصل تسجيل الإرتفاع الجنوني في الأسعار وغلاء المعيشة زد عليهما الضغوطات الدولية على تونس خاصة صندوق النقد الدولي الذي جعل من القروض والاتفاقيات الاقتصادية مع البنوك الدولية مرتبطة بإيقاف سقف الانتداب في الوظيفة العمومية بالتالي ارتفاع ظاهرة البطالة، فأصبح هاجس الهجرة غير النظامية يتراءى حتى لفئة حاملي الشهادات العليا حيث سجّلنا في هذا الاطار هجرة ما يناهز الـ 10 بالمائة من هذه الفئة، هذا دون الحديث عن هجرة الأدمغة خاصة في مجالات الهندسة والطب والاختصاصات الميكانيكية بعقود فيها كثير من السمسرة والابتزاز لا تحفظ لهم جميع حقوقهم لكن انسداد الأفق أمامهم جعلهم يفرون نحو بلدان لا يهمّها إلّا استغلال طاقاتهم وقدراتهم وشعورهم بتنكّر الدولة لهم قد تفاقم في وطنهم"...

 يوم ستدفع فيه تونس الثمن باهضا...

 وبيّن محدّثنا كيف أنّ تونس ستدفع الثمن باهضا خلال العشرية القادمة على خلفية هجرة أبنائها، ويتجسد ذلك في إشكالية عودة  نسبة هامة من الشباب إلى تونس بعد أن يضيق بهم السبيل في تلك البلدان التي هاجروا إليها وأضاعوا سنوات شبابهم وهم يبحثون عن فرصة عمل دون جدوى فضلا عن عدم تسويتهم لوضعياتهم القانونية..

 واعتبر بأنّ عودتهم إلى أرض الوطن وهم على مشارف الأربعينات حاملين لأتعاب نفسية تغرقهم في نوع من "الشيخوخة المبكّرة" سيساهم في ظهور شريحة اجتماعية تحتاج إلى معالجة نفسية وإلى مآوي ومستشفيات وتدخلات اجتماعية عاجلة...

 هذا إلى جانب ما ستواجهه بلادنا في السنوات القادمة من نقص في اليد العاملة وللإطارات والادمغة التي صرفت عليها الدولة ثم وهبتهم للبلدان الأوروبية ثمرة جاهزة دون جهد ولا تعب.

 وقال محدّثنا إنّه تمّ اليوم إهدار الثروة البشرية التي حاربت من أجلها دولة الاستقلال الوطنية البورقيبة عبر مراهنتها على التعليم والصحة في ظلّ غياب الثروات الطبيعية، معتبرا أنّ وضعنا في الستينات أفضل من سنة 2022 حيث أصبحنا لا نجد مدارس ولا مستشفيات تليق بكرامة التونسي وهو ما يعكس الفشل الحقيقي في إدارة الأزمات والتعامل مع الوضع العام في ظل غياب استراتيجية  سياسية واضحة...

 سحق الطبقة المتوسطة وبداية انهيار المجتمع

 "دون أن ننسى ما حدث للطبقة المتوسطة التي وقع سحقها تدريجيا تحديدا منذ 10 سنوات إلى اليوم وهو ما ينذر بانهيار المجتمع بل نحن أمام بداية انهياره"، يقول مصطفى عبد الكبير ويضيف بأنّ اللاّإستقرار السياسي والحكومي الذي تعيش على وقعه تونس منذ سنوات وأدّى بالتالي إلى عدم وضع استراتيجية حكومية واضحة وموحّدة لمعالجة المشاكل المتراكمة زد على ذلك معضلة التعيينات والتسميات التي ليست في محلّها والمتعلّقة خاصة بعدد من الولاة والمعتمدين والمسؤولين المحليّين والجهويين في عدد من الولايات التونسية سواء كانت جنوبية أو شمالية او ساحلية قد عمّق نزيف الأزمة التي تعيشها البلاد.

 وجوب مراجعة تعيينات الولاة

 وشدّد الحقوقي في ختام مداخلته على ضرورة مراجعة هذه التعيينات خاصة الاخيرة على مستوى الولاة، مضيفا بأنّ تونس اليوم لا تحتاج إلى تعيينات سياسية أو أمنية في مناصب حساسة بل تحتاج إلى كفاءات لها دراية كافية بالجانب التنموي الاقتصادي .

 إحصائيات ذات صلة...

وتجدر الاشارة إلى الاحصائيات التي نشرتها مؤخرا وزارة الداخلية الإيطالية حول توافد المهاجرين غير النظاميين على سواحل البلاد، حيث بيّنت أن  التونسيين يحتلون المرتبة الأولى منذ بداية العام الحالي إلى حدود تاريخ 29 من جويلية المنقضي تحديدا بعد وصول 7170 تونسيا ضمن قوارب الهجرة ثمّ يليهم المصريون بـ 6636 مصريا والبنغلاديشيون بـ 5996 شخصا ثم من أفغانستان و سوريا و الكوت ديفوار...

 

أخبار متعلقة بالهجرة غير النظامية خلال الفترة الفاصلة بين 13 و15 أوت 2022

إحباط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة وإنقاذ 219 مجتازا

 في إطار التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية تمكنت وحدات تابعة للأقاليم البحرية للحرس الوطني بالوسط والجنوب خلال الليلة الفاصلة بين يومي 13 و14 أوت 2022، من إحباط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة وإنقاذ 219 مجتازا من بينهم 113 شخصا من جنسيات إفريقية مختلفة. كما تم حجز مبلغ مالي من العملة التونسية، و12 محركا و07 مراكب بحرية تم استغلالها في عملية الإبحار خلسة باتجاه القطر الإيطالي.وباستشارة النيابةالعمومية أذنت باتخاذ ما يتعين في شأنهم

 ضبط 15 نفر من بينهم نساء وقصّر يستعدون لاجتياز الحدود البحرية خلسة

تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لمنطقة الأمن الوطني بياسمين الحمامات يوم الاحد، 14أوت 2022، على إثر إجراء تمشيط لكامل الخط البحري بالجهة من ضبط 15 نفر من بينهم نساء وقصّر تربط أغلبهم علاقة قرابة كانوا  يستعدون لاجتياز الحدود البحرية خلسة من سواحل الجهة في اتجاه إحدى الدول الأوروبية كما تم حجز شاحنة ثقيلة تولت نقلهم ومحركي قوارب و11 سترة إنقاذ و07 حاويات بنزين كانت معدة لاجتياز الحدود البحرية خلسة. وباستشارة ممثل النيابة العمومية أذن بالاحتفاظ بالبالغين وتسليم القصر لعائلاتهم والأبحاث متواصلة

 إعداد: منارة تليجاني